أعلن علماء الجيولوجيا والفيزياء الفلكية أن يوم 22 يوليوز 2025 سجّل رقمًا قياسيًا كأحد أقصر الأيام في تاريخ الأرض الحديث. حيث أكملت الأرض دورتها حول محورها أسرع بمقدار 1.38 ميلي ثانية مقارنة باليوم القياسي البالغ 86,400 ثانية (24 ساعة).
هذا التسارع الطفيف في دوران الأرض، الذي يأتي بعد سلسلة من الأرقام القياسية المسجلة في يوليوز 2025 ويوليوز 2024، يثير تساؤلات حول تأثيره على حياة الإنسان والبنية التحتية التكنولوجية التي نعتمد عليها يوميًا.
فما الذي يعنيه هذا التغيير لنا؟
في البداية، من المهم أن ندرك أن انخفاضًا بمقدار 1.38 ميلي ثانية في طول اليوم هو تغيير دقيق للغاية، لا يمكن للإنسان أن يشعر به في روتينه اليومي. فالثواني الكبيسة، التي تُضاف أو تُطرح لتعديل التوقيت العالمي، تُقاس بأجزاء من الثانية. وهي بعيدة عن إدراك الحواس البشرية.
بالنسبة للأفراد، سواء كانوا يذهبون إلى العمل، يتناولون وجباتهم، أو يمارسون نشاطاتهم اليومية، فإن هذا التغيير لن يؤثر على إيقاع حياتهم الطبيعي. إن إحساسنا بالوقت يعتمد أكثر على دورة النهار والليل الناتجة عن دوران الأرض. هذه الدورة تظل ثابتة نسبيًا من منظور بشري.
التأثير على التكنولوجيا والبنية التحتية
على الرغم من أن التسارع في دوران الأرض لا يؤثر مباشرة على حياة الأفراد، فإن تأثيره يصبح ملحوظًا في الأنظمة التي تعتمد على التوقيت الدقيق للغاية. مثل أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS)، وشبكات الاتصالات، والأنظمة المالية العالمية.
تعتمد هذه الأنظمة على الساعات الذرية، التي تُعد أدق أدوات قياس الوقت في العالم، حيث تقيس الزمن بدقة تصل إلى أجزاء من المليار من الثانية. التغيرات الطفيفة في طول اليوم قد تتطلب إجراء تعديلات دورية. مثل إضافة أو إزالة “ثوانٍ كبيسة”، لضمان تزامن هذه الأنظمة مع التوقيت الفلكي.
على سبيل المثال، إذا استمر تسارع دوران الأرض، قد يضطر العلماء إلى إزالة ثانية كبيسة بدلاً من إضافتها، كما كان الحال في الماضي. هذا التعديل قد يسبب تحديات تقنية، حيث إن بعض الأنظمة الحاسوبية ليست مصممة للتعامل مع “ثوانٍ كبيسة سلبية”.
في عام 2012، تسببت إضافة ثانية كبيسة في تعطل أنظمة حاسوبية لدى شركات مثل Reddit وQantas. هذا يبرز الحاجة إلى تحديث البنية التحتية الرقمية لمواكبة هذه التغيرات.
التداعيات البيئية والمناخية
الأسباب وراء تسارع دوران الأرض، مثل ذوبان الجليد في القطبين والتغيرات الجوية، لها تداعيات غير مباشرة على الإنسان. على سبيل المثال، ذوبان الجليد، الذي يُعتقد أنه يسهم في تسريع دوران الأرض من خلال إعادة توزيع الكتلة نحو خط الاستواء، هو نتيجة مباشرة للتغير المناخي. هذا التغير يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وتغيرات في أنماط الطقس، وتهديدات للمجتمعات الساحلية. مما يؤثر على ملايين البشر حول العالم. بالتالي، فإن تسارع دوران الأرض يُعد مؤشرًا غير مباشر لتحديات بيئية أوسع نطاقًا تواجه البشرية.
الآثار العلمية والثقافية
من منظور علمي، يُعتبر هذا الاكتشاف فرصة لفهم أعمق لديناميكيات الأرض والعوامل التي تؤثر على حركتها، مثل التفاعلات الجاذبية مع القمر أو التحولات في نواة الأرض المعدنية. هذه المعرفة قد تساعد في تحسين النماذج العلمية التي تتنبأ بالتغيرات المناخية والجيولوجية المستقبلية.
أما من الناحية الثقافية، فإن هذا الاكتشاف يذكّرنا بمدى ارتباطنا بالكوكب وبالكون الواسع. قد يُلهم هذا الحدث النقاشات حول أهمية حماية الأرض والتصدي للتغيرات المناخية التي تؤثر على استقرارها.
ماذا عن المستقبل؟
في الوقت الحالي، لا يتطلب تسارع دوران الأرض تغييرات فورية في حياتنا اليومية. لكن العلماء يواصلون مراقبة هذه الظاهرة لفهم ما إذا كانت جزءًا من اتجاه طويل الأمد أم مجرد تذبذب مؤقت. إذا استمر هذا الاتجاه، قد نشهد حاجة متزايدة لتحديث الأنظمة التكنولوجية، وربما إعادة النظر في طريقة قياس الوقت على مستوى عالمي. كما أن هذه الظاهرة تُبرز أهمية الاستثمار في الأبحاث العلمية لفهم كوكبنا بشكل أفضل.
لمتابعة أخبار طنجة7 على منصات التواصل الاجتماعي، يمكنكم الاشتراك على صفحتنا بموقع فيسبوك. يمكنكم أيضا الاشتراك على منصة إنستغرام. إضافة لمنصة X وتطبيق نبض


