دفاعًا عن القانون.. طنجة أكبر من مهيدية وبنجلون!

طنجة7

عاشت مدينة طنجة على مدار الأسبوعين الماضيين على وقع أحداث متسارعة، كان الرابط بينها قرارات متتالية للسلطات الولائية بخصوص قطاع التعمير.

وربما لا نكون مبالغين إذا قلنا بأن ما مرّت وتمرّ به المدينة غير مسبوق، من حيث القرارات بهدم وتوقيف مشاريع عقارية وتوجيهات صارمة بوقف رخص الإصلاح، وبيانات حزبية وتحريك لجن مراقبة والكثير من الأحداث والتحركات…

غير أن ما دفعنا إلى إعادة إثارة الملف، بعد أن بدأت رياح القرارات القوية تهدأ شيئا فشيئا وعاد الجميع تقريبا إلى الاشتغال بشكل طبيعي، هي بعض الملاحظات التي نرى ضروريا تسجيلها؛ ليس دفاعًا عن أشخاص أو تنقيصًا من آخرين، ولكن دفاعا أوّلا عن طنجة، مدينتنا جميعا، وعن القانون ثانيا..

دفاعا عن مسؤولين تم تعيينهم لخدمة الصالح العام.. وعن منتخبين وسياسيين يتفاعلون مع ما يجري في مدينتهم، ويمدون يد العون لمن يُدبّر شؤونها.

دفاعا عن الحق في المعلومة، وإبداء الرأي، وإسداء النصيحة. ذلك أن الانتصار لواجبنا المهني، باعتبار الصحافة “سلطة رابعة”، يفرض علينا أن نصدح بالحق وإن لم يعجب كل أطراف هذا الملف.

أولى الملاحظات تتعلق بالذرائع غير المقنعة التي أعطيت لتبرير قرار توقيف طال أغلب مشاريع المدينة وهدم البعض الآخر من هذه المشاريع. وهي المبررات التي لا يمكن لوم الولاية عليها، لأنها لم تكلف نفسها أصلا عناء التواصل مع الرأي العام المحلي لشرح ما يقع، اللهم بعض التأويلات التي عرفت طريقها إلى النشر في الصحافة المحلية والوطنية، والتي نرى أنه لا جدوى من إعادة تكرارها هنا لأن الجميع صار يعلمها.

إن المقصود هنا هو الإعلاء من شأن القانون واحترام المساطر وليس أي شيء آخر، لأنه لا يمكن الدفاع عمّن لم يمتلك الجرأة حتى لطلب توضيحات وفهم ما يجري، فلا المهندس “المتهم” سمعنا له حسا، ولا المنعشون المتضررون خرجوا من “مخابئهم” يبرؤون مشاريعهم.

الملاحظة الثانية، وهي مربط الفرس، تتعلق بما تلا بيان حزب الاتحاد الاشتراكي بخصوص هذا الملف من تطورات. ذلك أن هذا التصرف تحول إلى عملة نادرة في حياتنا السياسية على الصعيد المحلي، وهو ما يجب أن يدفعنا إلى تحية أصحاب البيان؛ لا نصب الفخاخ وهدم الصوامع بحثا عن “حجام” لم يقترف أي ذنب سوى أنه طلب بكل هدوء وأدب وحسن خطاب، توضيح بعض المعطيات بخصوص الملف وما ارتبط به من قرارات.

لكن الرسالة، للأسف، قُرئت من الجانب الخطأ، فبعدما بدا أنه تفاعل إيجابي مع البيان، وهي خطوة محمودة من ولاية جهة طنجة على كل حال أن تجالس الحزب وتسمع “دفوعاته” وتقدم الأجوبة.. خرجت لجان السلطة فجأة لـ “مداهمة” مشاريع أحد البرلمانيين المنتمين إلى حزب الاتحاد الاشتراكي بالمدينة والذي تحوم حوله شكوك العلاقة بخصوص البيان المفاجئ.. مع كل الإشارات السلبية التي يمكن أن ترسلها هاته الخطوة المتشنجة.

فهل أصبح إبداء الرأي وطلب التوضيحات مزعجا إلى هذه الدرجة؟! وإذا كان هذا مصير البرلماني ورجل الأعمال، يوسف بنجلون، حتى وإن سلمنا جدلا أنه صاحب فكرة البيان، فما هي الرسالة التي يُراد للمجتمع المدني والصحافة التقاطها، وهل أصبحت قرارات الوالي محمد مهيدية فوق النقد والتصويب، والحال أنه مسؤول يشهد له البعض بالكفاءة والحنكة، لكنه بشر يخطئ ويصيب؟!

طنجة مدينة كبيرة بماضيها وحاضرها، مرّ عليها مسؤولون كثيرون وعلماء وسياسيون ومثقفون كانت “هوايتهم” تقديم النصح والمشورة. ذهب الجميع وبقيت طنجة بتاريخها شاهدة على ما تركوا، لذلك لا غرابة أن يتحرك بعض أبنائها لمحاولة فهم ما يجري والإدلاء بدلوهم في الموضوع، ليس تدخلا في الاختصاصات أو تطاولا على المقامات، ولكن غيرةً على المدينة ومسؤوليها.

فطنجة العالية بتراثها ونخوة ساكنيها وهمة مسؤوليها، لا تهز ثقتها بنفسها مجرد ملاحظات عابرة أو كتابات متناثرة، اتفقنا أو اختلفنا معها، فهي حق مشروع ما دام هدفها الصالح العام.

لذلك نرجو أن تكون هذه “السحابة” التي مرّت فوق سماء ملف العقار بطنجة عابرة لا مستقرة، لأن ما رافقها من إشارات لا يبعث على الارتياح، ما دام يرفع لافتة عريضة كتب عليها “شوف وسكت.. وللي دوا يرعف”.. ونأمل صادقين ألا يكون ذلك هو المقصود..

طنجة أكبر من الوالي مهيدية والبرلماني بنجلون والبقية غيرهم.. لذا رجاء اختلفوا واغضبوا ما شئتم، لكن احترموا القانون!

  • مقال رأي بقلم كمال الكبداني
آخر ساعة

تابعنا

أعثر علينا على الوسائط الاجتماعية
نشرة السابعة
إشترك معنا للتوصل بجميع الأخبار