خبراء أوبئة يُحدّدون الشروط الضرورية لرفع الطوارئ الصحية

مع ظهور بوادر تباطؤ في انتشار فيروس كورونا، ستشهد الأيام والأسابيع المقبلة تزايداً في الضغوط الاقتصادية والاجتماعية من أجل تخفيف تدابير الحجر المنزلي المفروضة في العديد من الدول. فما الشروط الواجب توافرها للخروج من الحجر المنزلي؟
يستبق خبراء علم الأوبئة من الآن هذه المرحلة الجديدة؛ فيبدون مخاوفهم في غالب الأحيان، ويحذرون من أي تسرّع في رفع تدابير العزل.
عودة قاتلة للوباء
حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس بأن “التسرّع في رفع القيود قد يؤدي إلى عودة قاتلة” للوباء. كما وردت تحذيرات أخرى بأن أي تفاؤل سابق لأوانه سيتسبب بموجة ثانية من الوباء.
وفي فرنسا، قال الرئيس السابق للمعهد الوطني للصحة والبحث الطبي كريستيان بريشوه “يحب أن نتحلى بالكثير من التواضع والحذر حيال هذا الفيروس لأننا سبق أن أخطأنا”. وأضاف متحدثاً لإذاعة فرانس إنتر “لا نرى مع وباء عالمي بهذا الحجم كيف يمكن أن تعود الأمور بأعجوبة إلى طبيعتها”.
تخفيف التدابير
لكن في أوروبا، القارة الأكثر تأثراً بالوباء من حيث عدد الوفيات الذي تخطى 70 ألفاً، تعلن دول عدة منذ الآن رفعاً جزئياً للحجر المنزلي.
وتعتزم النمسا إعادة فتح المتاجر الصغيرة بعد عيد الفصح، معتبرة أن التراجع في وتيرة الإصابات بات كافياً. كما ستعيد الدنمارك فتح دور الحضانة وروضات الأطفال والمدارس الابتدائية في الأربعاء المقبل، فيما قامت الحكومة التشيكية بتليين تدابيرها.
وتحذو هذه الدول حذو الصين التي رفعت في الثامن من الشهر الجاري الطوق الصحي الصارم المفروض على مدينة ووهان، البؤرة الأولى للفيروس، بعدما أشارت الأرقام إلى أنها سيطرت على الوباء.
تجاوز المنحى المسطح
حذّر خبير علم الأوبئة أنطوان فلاهو بأنه “عند التوصل إلى تسطيح منحى الانتشار، فهذا لا يعني أنه بالإمكان رفع الحجر المنزلي في وقت أتاحت التدابير المتخذة تجنيب اكتظاظ المستشفيات”.
وقال فلاهو، الذي يترأس معهد الصحة العامة في جامعة جنيف بسويسرا متحدثاً لشبكة فرانس 2، إن الخروج من العزل المنزلي لا يمكن أن يحصل إلا في وقت لاحق “عندما نرى تراجعاً” في الإصابات.
تراجع العدوى
توجد شروط مسبقة لرفع تدابير الحجر، في طليعتها أولاً: تسجيل تراجع مثبت في الحالات الخطيرة جراء الإصابة بفيروس كورونا في أقسام الإنعاش في المستشفيات.
والهدف هو السماح للطواقم الطبية بالتقاط أنفاسها بعد الجهود المكثفة التي بذلتها، والسماح للمستشفيات بإعادة تشكيل مخزونها من المعدات والمواد الطبية.
والشرط الثاني: ينبغي أن يكون انتشار العدوى قد تراجع بين السكان مع تسجيل نسبة انتقال للعدوى دون واحد، أي أن كل شخص مصاب ينقل العدوى إلى أقل من شخص آخر، مقابل 3,3 أشخاص في بداية تفشي الوباء.
والشرط المسبق الثالث هو: توافر عدد كاف من الأقنعة الواقية وتحاليل كشف الإصابة، ما سيمكن من متابعة انتقال الفيروس عن كثب.
وفي فرنسا، من المتوقع أن ترتفع القدرة على كشف الإصابات من 30 ألف اختبار في اليوم حالياً إلى 100 ألف وربما حتى 150 ألفاً في نهاية أبريل.
عوامل مجهولة
الجديد في هذه المعادلة التي تتضمن عوامل مجهولة عديدة، احتمال استخدام أدوات إلكترونية جديدة لكشف تنقلات المصابين وتواصلهم مع أشخاص آخرين.
وتتقدم باريس بحذر في هذا المجال، فيما تستعد الحكومة الألمانية لنشر تطبيق على الهواتف النقالة مستوحى من تجربة سنغافورة، لتسهيل المتابعة الفردية للأفراد وتبيان سلسلات انتقال العدوى.
ومن العوامل المجهولة الكبرى مدى أهمية “الاستراحة الصيفية” في انتشار فيروس كورونا. فمن المعروف أن الفيروسات التي تهاجم الجهاز التنفسي لا يناسبها عموماً فصل الصيف. فلا تنتشر مثلا الإنفلونزا بعد أبريل في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
فهل ينطبق الأمر أيضاً على فيروس كورونا المستجدّ؟. ثمة شكوك حول هذا الموضوع مع الإعلان عن زيادة كبيرة في عدد الإصابات في الأيام الماضية في سنغافورة إذ تقارب الحرارة حالياً 30 درجة مئوية.
وقال أنطوان فلاهو: “إذا لم تكن هناك استراحة صيفية، فسيكون الأمر أكثر تعقيداً”.
(أ.ف.ب)
شاركونا آراءكم