تضم قطاعات الفنون والتسلية والترفية.. جديد فتوى الزكاة

طنجة7

في خطوة تُعزز الاجتهاد الفقهي المعاصر، أصدر المجلس العلمي الأعلى اليوم الجمعة فتوى شرعية شاملة حول أحكام الزكاة، ضمت قطاعات جديدة مثل الفنون والتسلية والترفيه.

ويُعد هذا الإصدار خطوة تاريخية تجعل الزكاة أداة حية للتكافل في عصر الاقتصاد الرقمي. الفتوى، التي اعتمدت على المذهب المالكي مع الاجتهاد المفتوح، وسعت نطاق الزكاة ليشمل “كثيرا من المستجدات في عالم الأموال”، خاصة في قطاع الخدمات الذي يُشكل عماد الاقتصاد الحديث بالمغرب.

وفقًا للنص، تجب الزكاة في مداخيل هذه القطاعات بنسبة ربع العشر (2.5%)، إذا بلغت النصاب (حوالي 7438 درهمًا بناءً على قيمة الفضة)، بعد خصم تكاليف التسيير ومضى عليها عام هجري. هذا النهج يُعالج التعقيدات الاقتصادية الناشئة عن الثورة الرقمية والخدمات غير التقليدية، مما يضمن تطبيق الفريضة على النشاطات الجديدة دون إهمال.

الأجور في القطاعين العام والخاص: نموذج عملي للحساب

بدأت الفتوى بتوضيح زكاة الأجور، التي تُعد مصدر دخل أساسيًا لملايين المغاربة، سواء في القطاع العام أو الخاص. اعتمد المجلس على الأجر الأدنى الرسمي في وقت الصدور (3266 درهمًا شهريًا للقطاع الخاص، مع الإشارة إلى إمكانية التغيير)، لتحديد النفقة الشخصية أو العائلية الدنيا، معتبرًا أن تركها مفتوحة قد يؤدي إلى تقديرات شخصية غير عادلة.

وأكد أن هذا التحديد “في صالح ذوي الدخول الدنيا أكثر مما هو في صالح من فوقهم”، ليُشجع على الالتزام الشرعي.

لتوضيح الأمر، قدمت الفتوى مثالًا عمليًا: “الشخص الذي أجره الشهري عشرة آلاف درهم (10000 درهم)، إذا خصم منها مصروفه المقدر بـ3266 درهمًا لم يبلغ النصاب وهو 7438 درهمًا، ولكنه إذا جمع أجره في العام وهو مائة وعشرون ألف درهم، وخصم منه مصروفه في العام وهو 3266 درهمًا ×12 شهرًا= 39192، وإذا خصم من 120000 درهم بقي 80808 درهمًا وزكاتها (أي ربع العشر) هو 2020 درهمًا”.

هذا المثال يُبسِّط الحساب السنوي، مما يُساعد الموظفين على تطبيق الزكاة شهريًا أو سنويًا، خاصة مع الزيادات الأخيرة في الأجور العامة التي بلغت 4500 درهمًا منذ يوليوز الماضي.

القطاعات الجديدة: من الرقمي إلى الإبداعي، كلها خاضعة للزكاة

الابتكار الحقيقي في الفتوى يكمن في شمولها للقطاعات غير التقليدية، التي تُمثل نحو 60% من الاقتصاد المغربي وفقًا لتقارير المندوبية السامية للتخطيط. ومن أبرزها:

  • الخدمات الرقمية والمالية: الخدمات البنكية، التأمين، والاتصال والتواصل (مثل تطبيقات الهواتف والإنترنت)، حيث تجب الزكاة في المداخيل بعد خصم التكاليف، لتعكس التزام الشرع بمواكبة الاقتصاد الرقمي.
  • الحقوق المعنوية والإبداع: حق الابتكار، العلامات التجارية، وحق التأليف والنشر، الذي يُعد قطاعًا ناشئًا في المغرب مع نمو صناعة البرمجيات والمحتوى الرقمي. هذه المداخيل، إذا بلغت النصاب، تُزكى بنسبة 2.5%، مما يُشجع المبدعين على التكافل.
  • الخدمات البيئية والطاقة: التزويد بالكهرباء وأنواع الطاقة الأخرى، التزويد بالماء، وتدبير النفايات ومعالجتها، في خط مع السياسات الوطنية للاقتصاد الأخضر.
  • الترفيه والدعاية: خدمات الفنون والترفيه والتسلية، وموارد الدعاية والإشهار للمنتجات، بالإضافة إلى خدمات المحاماة والتوثيق، وتقديم الخبرات المتنوعة مثل الدراسات والاستشارات.

أوضحت الفتوى أن هذه القطاعات “تجب الزكاة في مداخيلها… إذا بلغت النصاب ومضى عليها العام… وبعد خصم تكاليف التسيير”، مما يُعطي مرونة للعاملين فيها للحساب الدقيق.

ويُتوقع أن يُساهم هذا التوضيح في زيادة الوعي، خاصة مع انتشار العمل الحر والمنصات الرقمية.

دعوة للاجتهاد: آلية استفسارات للحالات الخاصة

لضمان التطبيق العملي، دعا المجلس إلى توجيه الاستفسارات حول “زكاة الأنشطة الجديدة المدرة للمال” إلى المجلس عبر موقع إلكتروني سيُعلن قريبًا، سواء كتابيًا أو مسجلاً صوتيًا. هذه الخطوة تُعكس التزام المجلس بالاجتهاد المفتوح، لمعالجة الحالات الناشئة مثل المداخيل من العملات الرقمية أو الذكاء الاصطناعي، بالقياس على الأحكام الأصلية أو المقاصد الشرعية.

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، تُعد هذه الفتوى دليلًا حيًا يُعيد الزكاة إلى صلب الحياة اليومية، مُعززًا التكافل الاجتماعي في المغرب.

ومع نشرها اليوم، يُتوقع أن تُثير نقاشات واسعة بين الفقهاء والاقتصاديين، مُساهمة في بناء اقتصاد إسلامي مستدام.

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر ساعة

تابعنا

أعثر علينا على الوسائط الاجتماعية
نشرة السابعة
إشترك معنا للتوصل بجميع الأخبار