شهد قطاع تحويل الأموال في المغرب أزمة غير مسبوقة أدت إلى إغلاق أكثر من 60 وكالة تابعة لشركة “MEA Finance”، العاملة تحت العلامة التجارية “كانال إم Canal M”، بعد سلسلة من الانتهاكات المالية والإدارية التي أثارت استياءً واسعاً بين رواد الأعمال الشباب وأصحاب الوكالات.
هذه الأزمة، التي وصلت ذروتها بسحب بنك المغرب اعتماد الشركة، تسلط الضوء على تحديات تنظيمية عميقة تواجه هذا القطاع الحيوي.
جذور الأزمة: احتيال مالي وهروب المدير العام
بدأت الأزمة مع اتهامات موجهة إلى شركة “MEA Finance” بالاحتيال الواسع النطاق وخيانة الأمانة، حيث احتجزت الشركة الأم مبالغ مالية كبيرة تخص معاملات وكالاتها المرخصة لمدة تزيد عن عام. هذه الأموال، التي كانت تمثل عائدات الوكالات الفرعية، تسببت في إفلاس العديد منها، مما أغرق أصحاب الوكالات، ومعظمهم من الشباب الخريجين أو أفراد الجالية المغربية، في ديون بنكية ومشاكل قانونية واجتماعية.
وفاقم الوضع هروب المدير العام للشركة إلى الخارج، مما حال دون أي محاولات للتفاوض أو التسوية الودية. هذا الرحيل المفاجئ ترك الوكالات في حالة شلل تام، حيث لم تتمكن من استرداد أموالها أو مواصلة نشاطها، مما أدى إلى توقف عملياتها بشكل كامل.
قرار بنك المغرب: سحب الاعتماد والتصفية
في 29 يوليوز 2025، أصدر والي بنك المغرب القرار رقم 154 بسحب الاعتماد من شركة “SERVICES FINANCE MEA” بصفتها وسيطاً في تحويل الأموال، بناءً على القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان.
جاء هذا القرار بعد استطلاع رأي اللجنة التأديبية لمؤسسات الائتمان في 19 مارس 2025، والذي أكد وجود مخالفات جسيمة في إدارة الشركة. وينص القرار على توقف الشركة عن مزاولة نشاطها فور نشر القرار في الجريدة الرسمية (12 شتنبر)، مع بدء عملية تصفيتها وفقاً للأحكام القانونية المنصوص عليها في القانون 103.12 ومدونة التجارة.
هذا القرار أدى عملياً إلى إغلاق جميع الوكالات التابعة للشركة، حيث لم يعد بإمكانها العمل كوسيط مالي معتمد.
تداعيات كارثية على أصحاب الوكالات
تسببت الأزمة في خسائر مالية مباشرة تُقدر بأكثر من 30 مليون درهم، بالإضافة إلى أضرار جانبية شملت توقف الأنشطة التجارية، تراكم الديون البنكية، تهديدات بالطرد من المقرات التجارية، واستدعاءات قضائية. كما عانى أصحاب الوكالات من ضغوط نفسية واجتماعية نتيجة فقدان مصادر دخلهم، مما أثر على مئات العائلات.
وقد لجأ أكثر من 40 صاحب وكالة إلى المحكمة الجنائية بالدار البيضاء، مقدمين شكاوى جماعية بتهم الاحتيال، خيانة الأمانة، والإخلال بالعقود.
تحديات القطاع ومخاوف مستقبلية
تثير هذه الفضيحة تساؤلات حول مصداقية قطاع تحويل الأموال في المغرب، خاصة أن العديد من الوكالات المتضررة كانت قد استفادت من قروض بنكية وبرامج دعم حكومية لريادة الأعمال. ويخشى المهنيون من أن يؤدي هذا الانهيار إلى تراجع الثقة في السوق، مما قد يؤثر على المتعاملين الآخرين وعلى سمعة المغرب المالية دولياً.
تابعوا طنجة7 على صفحتنا بموقع فيسبوك. وعلى منصة إنستغرام. إضافة لمنصة X وتطبيق نبض