أبرز والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري تأثير مواقع التواصل الاجتماعية على المغاربة من حيث الشعور بارتفاع أسعار مختلف المواد لاسيما الغذائية. مؤكدا أن هذه المواقع جاءت لتضاعف توجها بشريا يركز على الغلاء أكثر من الانخفاض.
الجواهري كان يرد على سؤال بخصوص اختلاف أرقام التضخم مع شعور المغاربة بالأسعار. وقد دعا في البداية إلى التفريق بين “التضخم” و”سعر” المواد الغذائية. موضحا بأن هناك فارقا بحوالي 8 في المائة بينهما، خصوصا وأن أرقام التضخم تظهر المؤشرات لفترة معينة بناء على مؤشر الاستهلاك، عكس السعر اليومي في الأسواق.
التضخم بين الأرقام الرسمية والواقع المعيش
وفقًا لتصريحات الجواهري، التضخم يُعرف بأنه الزيادة المستمرة في متوسط أسعار السلع والخدمات خلال فترة زمنية محددة. هذا التعريف يعتمد على قياسات دقيقة تأخذ بعين الاعتبار سلة استهلاكية تمثل المواطن المتوسط. ومع ذلك، يبدو أن هذه الأرقام لا تعكس دائمًا الواقع الذي يعيشه المواطن العادي.
ففي المغرب، تشكل المواد الغذائية الأساسية حوالي 40% من مؤشر أسعار الاستهلاك، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالدول المتقدمة حيث لا تتجاوز هذه النسبة 5 إلى 7%. هذا الاختلاف يعكس طبيعة الاقتصاد المغربي الذي يعتمد بشكل كبير على استهلاك المواد الأساسية، مما يجعل أي زيادة أو انخفاض في أسعار هذه المواد ملموسة بشكل كبير لدى الأفراد.
الجواهري أشار إلى أن التضخم لا يعني ارتفاع سعر سلعة واحدة أو مجموعة سلع، بل هو تطور متوسط الأسعار على مدى فترة زمنية. لكن المشكلة تكمن في أن المواطن العادي لا يميز دائمًا بين مفهومي “ارتفاع الأسعار” و”التضخم”. هذا الخلط يؤدي إلى شعور عام بأن الأرقام الرسمية لا تعكس الواقع، خاصة عندما يشعر المواطن بضغط مالي مباشر نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الخبز، الزيت، أو الخضروات.
دور شبكات التواصل الاجتماعي في تشكيل التصورات
في هذا السياق، تلعب شبكات التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في تضخيم هذا الشعور بالزيادة. من خلال منصات مثل فيسبوك، تويتر، وإنستغرام، يتبادل المغاربة قصصهم اليومية عن ارتفاع الأسعار، مما يعزز الشعور الجماعي بالضيق الاقتصادي. هذه المنصات أصبحت فضاءً للتعبير عن الاستياء، حيث يتم تداول صور فواتير مرتفعة أو مقارنات بين أسعار السلع في أسواق مختلفة. هذا التفاعل يخلق نوعًا من “التضخم الافتراضي”، حيث يترسخ لدى الناس شعور بأن الزيادة في الأسعار هي الوضع الطبيعي، حتى لو كانت الأرقام الرسمية تشير إلى انخفاض ملموس في معدل التضخم خلال فترات معينة.
على سبيل المثال، قد ينشر مواطن صورة لفاتورة تسوق تُظهر ارتفاع سعر مادة غذائية معينة، مما يثير نقاشات واسعة وتعليقات غاضبة. هذه المنشورات، رغم أنها تعكس تجربة فردية، تُساهم في خلق انطباع عام بأن الأسعار في ارتفاع مستمر، حتى لو كانت هذه الزيادات موسمية أو مرتبطة بعوامل خارجية مثل تقلبات أسعار الوقود أو الجفاف. هذا التضخيم الإعلامي يجعل من الصعب على المواطن العادي فهم الأرقام الرسمية التي يقدمها بنك المغرب، مما يعزز الفجوة بين الواقع الاقتصادي والتصورات الشعبية.
تحديات التواصل الاقتصادي
إحدى التحديات الكبرى التي تواجه بنك المغرب هي كيفية التواصل مع الجمهور بطريقة تجعل الأرقام الاقتصادية مفهومة وملموسة. فالمواطن العادي لا يهتم كثيرًا بمؤشرات التضخم أو متوسطات الأسعار، بل يركز على ما يراه في حياته اليومية: سعر الخبز، تكلفة النقل، أو فاتورة الكهرباء. هذا التركيز على التجربة الفردية يجعل من الصعب على السياسات الاقتصادية أن تكون مقنعة عندما تتحدث عن “انخفاض التضخم” في وقت يشعر فيه الناس بضغوط مالية متزايدة.
الجواهري دعا إلى ضرورة التفريق بين ارتفاع الأسعار والتضخم، مشيرًا إلى أن هذا الخلط هو أحد أسباب سوء الفهم. لكن هذا التفريق يتطلب جهودًا توعوية كبيرة، بما في ذلك استخدام لغة بسيطة ومباشرة في التواصل مع الجمهور، وربما الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي نفسها لنشر معلومات اقتصادية موثوقة. فبدلاً من ترك هذه المنصات فضاءً للشائعات أو المعلومات المغلوطة، يمكن للمؤسسات الرسمية أن تستثمرها لتوضيح المفاهيم الاقتصادية وتفسير الأرقام بطريقة تجعلها أقرب إلى هموم المواطنين.
لمتابعة آخر أخبار موقع “طنجة7” على منصات التواصل الاجتماعي. يمكنكم الاشتراك على صفحتنا بموقع فيسبوك أو منصة إنستغرام إضافة لمنصة X
					
							
			
		
		
		
		
		
		
		
		

