رئيس هيئة النزاهة ينتقد تركيز الإدارة في المغرب على الدفاع عن قراراتها أكثر من تحسين خدماتها: تعمل بمنطق السلطة لا الحق

طنجة7

وجه محمد بنعليلو رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، انتقادات لممارسات إدارية يعرفها المغرب، بعدما أصبحت تركز على الدفاع عن القرارات الإدارية بدل تحسين الخدمات، والعمل بمنطقة “السلطة” بدل “الحق” .

وخلال المناظرة الوطنية حول “تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، مدخل لصون المشروعية واستقرار الاستثمار وترشيد النفقات العمومية” بالعاصمة الرباط، قال بنعليلو إن ضعف الشفافية وغياب المعلومات الكافية حول القرارات الإدارية والإجراءات المتبعة لاتخاذها، يشجع على اتخاذ قرارات قد توصف بالتعسفية أو الانتقائية أو ربما أحيانا بالمزاجية.

وأبرز أن البيروقراطية والجمود الإداري كثيرا ما يفضيان إلى تأخير مصالح المواطنين وانعدام المرونة في التعامل مع طلباتهم.

وعند وصول الأمر لمرحلة النزاعات، يؤكد المسؤول إنها تظهر بشكل واضح تركيز الإدارة على الدفاع عن قراراتها بدل تحسين أدائها والتركيز على مشروعية قراراتها، مما يجعلها سببا مباشرا لآثار سلبية تنطلق في أبسط صورها من ضعف جودة الخدمات العامة لتصل إلى فقدان الثقة في الإدارة وتراجع مصداقية المؤسسات العامة، مرورا بمجموعة من الآثار الاقتصادية والتدبيرية التي تؤثر على قطاعات أخرى من قبيل الاختناق القضائي الناتج عن تزايد القضايا الإدارية.

وفق نفس المصدر فإن هناك ممارسات إدارية آخذة في الانتشار تجعل من “المصلحة الإدارية” أحد المبررات الجاهزة للعديد من القرارات، حينما تمنح الإدارة لنفسها صلاحية تقدير هذه “المصلحة” خارج القانون، بل أصبح الأمر علنيا ويتم تبنيه بشكل رسمي بلغة “معك الحق ولكن …”.

بنعليلو اعتبر أن هذه التقديرات والاجتهادات الشخصية خارج الإطار القانوني لا يمكن أن تعتبر إلا تجاوزا للسلطة وخرقا لمبدأ الشرعية ومسا بمبدأ الحياد الارتفاقي، بل وإضعافا لثقافة المسؤولية والمحاسبة داخل الإدارة، لأن السماح بهذا النوع من السلوك في مستويات معينة يُضعف الرقابة الداخلية ويشجع على انتشار الارتجال الإداري. وبالتالي يشكل مسا بالمصلحة العامة نفسها التي يفترض أن يؤطرها القانون لا تقديرات أشخاص تكبد الدولة خسائر مالية وتضعف الثقة في أدائها.

المسؤول حذر أيضا من ممارسة الوظيفة الإدارية “بمنطق السلطة” بدلًا من ممارستها “بمنطق الحق”، وقال “ففي الوقت الذي يفترض فيه أن تمارس الوظيفة الإدارية بمنطق الحق، ووفقًا للقانون ومبادئ العدالة والإنصاف، نجد بعض الإدارات تميل إلى ترجيح منطق السلطة، في اتخاذ القرارات وتنفيذها، دون مراعاة للضمانات القانونية، فيستعاض في مرجعية القرار عن قوة القانون والمصلحة العامة، بقوة السلطة وتقدير الإدارة، وتهيمن في طريقة اتخاذه أساليب الأمر الواقع عوض الشفافية واحترام المساطر وتعليل المقررات، وتختلط في أهدافه متطلبات تحقيق الإنصاف الارتفاقي وضمان الحقوق بفرض سيطرة الإدارة، وهو ما يمس مباشرة بحقوق المواطنين وينمي فرص رفض السلوك الإداري، ويعزز النزعة العدائية لديهم تجاه الإدارة بسبب فقدانها في نظرهم لدورها في خدمة الصالح العام، وكلها مقدمات مناسبة لزيادة مخاطر إضعاف الشرعية القانونية للإدارة ووسم مصداقيتها بالتآكل، وجعل المواطنين أكثر ميلًا للطعن في القرارات بدلًا من قبولها”.

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا

أعثر علينا على الوسائط الاجتماعية
نشرة السابعة
إشترك معنا للتوصل بجميع الأخبار