أعلن قبل ساعات عن وفاة “سعيد بنجبلي في 3 أبريل 2025، وهو المدون والناشط المغربي المعروف، في مدينة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية عن عمر يناهز 45 عامًا.
وُلد بنجبلي في 9 ماي 1979 بقرية أولاد فرج في إقليم الجديدة بالمغرب، ونشأ في بيئة محافظة تلقى فيها تعليمًا دينيًا تقليديًا، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة. حصل على شهادة البكالوريا في الهندسة الكيميائية عام 1998، ثم أكمل دراسته الجامعية في كلية الآداب بجامعة شعيب الدكالي، ليتخرج بإجازة في الدراسات الإسلامية عام 2005.
عُرف بنجبلي بنشاطه السياسي والفكري في المغرب، حيث انضم في شبابه إلى جماعة العدل والإحسان عام 1995، وشارك في أنشطتها خلال مرحلتي الثانوية والجامعة، قبل أن يتركها في 2006. كما كان من رواد التدوين في المغرب، إذ بدأ كتابة مدونته عام 2005، وساهم في محاولة تأسيس جمعية المدونين المغاربة التي لم تحصل على ترخيص رسمي. لعب دورًا بارزًا خلال احتجاجات حركة 20 فبراير عام 2011، التي اندلعت ضمن موجة “الربيع العربي”، حيث كان من بين مؤسسي الحركة وداعميها.

النبي بنجبلي
بعد هجرته إلى الولايات المتحدة، شهدت حياة بنجبلي تحولات جذرية. أعلن إلحاده وانتقد الإسلام بشكل علني عبر منصات التواصل الاجتماعي ومقاطع فيديو، مما أثار ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض. لاحقًا، ذهب إلى أبعد من ذلك بادعائه النبوة، وهي الخطوة التي أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط المغربية والعربية. في منشوراته وتصريحاته، تحدث عن رؤى وتجارب شخصية قال إنها دفعته إلى هذا الإعلان، لكن هذه الادعاءات قوبلت بانتقادات حادة واتهامات بالتجاوز والاضطراب النفسي.
كان بنجبلي يعاني من اضطراب ثنائي القطب، وهو مرض نفسي أثر بشكل كبير على حياته، خاصة في السنوات الأخيرة. وفي سياق وفاته، أفادت تقارير أنه أنهى حياته بنفسه في بوسطن، تاركًا رسالة وداع تحدث فيها عن معاناته مع المرض النفسي وضغوط الحياة. في الرسالة، أوصى بحرق جثته، مشيرًا إلى عدم قدرته على تحمل تكاليف الدفن، وهي وصية أثارت نقاشًا إضافيًا حول شخصيته وخياراته.
ثنائي القطب
وفي رسالة منسوبة له نشرت بعد وفاته، تزعم المنشورة أنه أقدم على “الانتحار” لينهي معاناته مع المرض، في هذه الرسالة، يخاطب بنجبلي أصدقاءه ومعارفه من فراش الموت في غرفة فندق ببوسطن، مشيرًا إلى أنه ابتلع جرعة كبيرة من الأسبرين (70 غرامًا) وأدوية أخرى لينهي حياته بـ”موت رحيم” بيده. يوضح أنه اختار أصدقاء مقربين لنقل الرسالة بعد وفاته لتجنب الشائعات والتكهنات.
يبدأ بالسلام والمحبة للجميع بغض النظر عن جنسهم، عمرهم، أو معتقداتهم، ثم ينتقل إلى اعتذار خاص لأسرته الصغيرة (زوجته وأولاده) ولابنه الذي تركه طفلاً، ووالدته وإخوته وعائلته الكبيرة، معترفًا بأن وفاته ستجلب لهم الحزن والعار. كما يعتذر لأصدقائه ومعارفه عن أي ضيق قد يسببه لهم رحيله.
يشرح بنجبلي أن سبب وفاته هو مرض ثنائي القطب الذي أصابه في منتصف العشرينيات من عمره، واصفًا إياه بأنه مرض خطير يعذبه ويحرمه من التقدم أو الاستمتاع بالحياة، مما جعل الموت الخيار الوحيد بنظره. يوصي أصدقاءه برعاية عائلته، خاصة ابنه، ويطلب إما حرق جثته أو دفنه في أمريكا إذا رفضت عائلته الحرق، نظرًا لعدم تركه مالاً لتغطية تكاليف الجنازة. ويختم الرسالة بالاعتذار لمن أساء إليهم، طالبًا الصفح والعفو، ويودع الجميع بالسلام.
هذه الرسالة، إن كانت صحيحة، تعكس حالة نفسية معقدة وشعورًا باليأس، مع محاولة لتبرير قراره وتوضيح معاناته. لكن يجب ملاحظة أن التاريخ المذكور (21 أكتوبر 2024) يتناقض مع تاريخ وفاته المعروف (3 أبريل 2025)، مما قد يشير إلى اختلاف في الروايات أو خطأ في التوثيق.

رسالة أخرى نسبت لبنجبلي، مكتوبة باللهجة المغربية مع لمسات شعرية، وهي أيضا بتاريخ “قديم” عبر فيها عن حالته النفسية وصراعاته الداخلية قبل أن ينهي حياته. الرسالة، كما وردت في تقارير وتداولتها بعض المنصات، تحتوي على تعبيرات مختصرة لكنها عميقة، تعكس معاناته مع اضطراب ثنائي القطب وشعوره بالعجز. النص الكامل المنسوب إليه هو كالتالي:
“أنا ماشي كافر ولا مُنْحِد
أنا غِير مسلم عاق بالقالبْ
الدنيا ضآقت بيا حتى شبعت
وعقلي تعب من التفكير الصالبْ
أنا عيان، ما بقيتش قادر
ديرولي شي زبلة وخلّيوني محروق
الدفن غالي وأنا ما عنديش باش نشري قبري”
في هذه الرسالة، ينفي بنجبلي أن يكون كافرًا أو ملحدًا (مُنْحِد)، ويصف نفسه بأنه مسلم “عاق بالقالب”، أي متمرد أو غير تقليدي في تفكيره. يتحدث عن إرهاق نفسي وعقلي (“عقلي تعب من التفكير الصالب”)، وعن شعوره بضيق الحياة. في النهاية، يطلب حرق جثته (“خلّيوني محروق”) بدلاً من الدفن، مشيرًا إلى عدم قدرته المالية على تحمل تكاليف القبر.
الرسالة أثارت جدلاً واسعًا بعد تداولها، حيث اعتبرها البعض تعبيرًا صادقًا عن معاناة شخصية، بينما رأى آخرون أنها تكملة لمسار حياة بنجبلي المثير للجدل، خاصة مع إعلانه السابق للإلحاد ثم ادعائه النبوة. لا توجد تأكيدات رسمية من مصادر مستقلة على صحة الرسالة بنسبة 100%، لكنها نُسبت إليه بناءً على ما نشره أشخاص مقربون منه على منصات التواصل الاجتماعي بعد وفاته.


