احتضنت مدينة طنجة يوم الثلاثاء 11 فبراير، لقاءً دراسيا حول تأثير الذكاء الاصطناعي على التربية والتعليم ودوره في تغيير منظومة التعلم بالمغرب.
وشارك في هذااللقاء، المنظم بمبادرة من الاتحاد العام لمقاولات المغرب لجهة طنجة بشراكة مع المعهد الفرنسي بطنجة وجامعة عبد المالك السعدي، خبراء وصناع قرار وفاعلون في قطاع التربية والتعليم، لمناقشة موضوع “إعادة اكتشاف التعليم : تغيير نموذج في عصر الذكاء الاصطناعي”.
وتهدف الندوة إلى تحليل التغييرات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي، وخاصة فيما يتعلق بتكييف المحتوى التعليمي، وتكييف التعليم مع الفرد وأتمتة العمليات الإدارية، ومعالجة الرهانات المرتبطة بالاستخدام المتزايد لهذه التكنولوجيات، مثل الأخلاقيات والأمن السيبراني وتكوين الأساتذة على الأدوات الرقمية الجديدة.
وفي كلمة بهذه المناسبة، قال مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، أحمد مغني، إن “الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية للمستقبل، بل أصبح بالفعل محركًا رئيسيًا للتحولات العميقة، مشيرا إلى أن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) تُقدّر أن 60% من الوظائف التي سيتم ممارستها بحلول عام 2030 لم تُخلق بعد. وهذا يضعنا أمام تحدٍ كبير: كيف نكوّن شباب اليوم ليكونوا قادرين على التأقلم مع بيئات مهنية لم تتشكل بعد؟ وكيف يمكننا تزويد جامعاتنا بالأدوات اللازمة لمواكبة هذا التحول وضمان عدم ترك أحد على الهامش؟”.

وأكّد مغني أن المغرب “لا يمكن أن يظل على هامش هذه التحولات. وفقًا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (CESE)، يحتل بلدنا حاليًا المرتبة 93 عالميًا من حيث الجاهزية للذكاء الاصطناعي، مما يبرز الحاجة إلى تعبئة جماعية عاجلة. كما يشير التقرير إلى تحديات رئيسية، مثل نقص الكفاءات المتخصصة، وضعف البنية التحتية الرقمية، وهجرة الكفاءات”.
وأشار المُتحدّث إلى أنه “في جامعة عبد المالك السعدي، اخترنا استباق هذه التطورات عبر تكوين طلبتنا وفقًا لمتطلبات السوق المستقبلية. ومن هذا المنطلق، نطمح إلى تكوين 5,886 خريجًا متخصصًا في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027. وفي عام 2024 وحده، تم اعتماد 11 مسارًا أكاديميًا جديدًا مخصصًا للذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والتحول الرقمي”.
وفي هذا السياق، يقول مغني، “أطلقنا هذا العام مركز CODE 212، وهو مركز ابتكار مخصص بالكامل للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الناشئة. ولا يعد CODE 212 مجرد مختبر، بل هو فضاء يلتقي فيه البحث العلمي والتكوين وريادة الأعمال لابتكار حلول تتناسب مع واقع بلدنا وقارتنا. هدفنا واضح: تكوين خبراء على مستوى عالٍ، ودعم التحول الرقمي للمقاولات، والمساهمة في بروز منظومة تكنولوجية مغربية وأفريقية قوية”.
وتؤكد جامعة عبد المالك السعدي في هذا الإطار، يُضيف المسؤول التربوي، التزامها بمواصلة هذا المسار عبر توسيع نطاق هذه المبادرة من خلال إنشاء مراكز CODE 212 إضافية في كل من تطوان، والحسيمة، وعلى محور العرائش – القصر الكبير. ويهدف هذا التوسع إلى ضمان تغطية أوسع لمتطلبات التحول الرقمي، وتعزيز ريادة المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي، مع إتاحة الفرصة لعدد أكبر من الطلاب والباحثين للاستفادة من هذه المنظومة المبتكرة.
وخلص مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة في كلمته، إلى أن “تنظيم هذا الملتقى خطوة أساسية في إطار هذا التفكير الجماعي. اليوم، أمامنا فرصة لتبادل الخبرات، وتوحيد الجهود، ورسم معالم تعليم أكثر مرونة وانفتاحًا، ومتجاوبًا مع تحديات القرن الحادي والعشرين”.