سَجِّل أيها الوزير الصغير بأن الإضراب العام قد نجح.. أي نعم نجح، على الأقل من حيث المبدأ، وانتقل إلى الفصل الموالي، فوق، حيث مراكز القوة ترفل في غطرستها بعد أن كانت قد تيقنت بأنه أصبح من غير الممكن أن تتشكل جبهة موحدة (عابرة للقرارات)، يساندها ويشاطرها عدد من الهيئات النقابية والسياسية والحقوقية، الهمّ والغمّ والقلقّ والفلقّ المبشّر بصبح جديد واعد بالمزيد.. والشعب يريد…
كنا، دائماً نختلف، ولازلنا، إلى الآن، لا نأتلف مع رفاقنا في كثير من النقط المشتعلة.. لكننا، للحقيقة وللأيام التي بيننا، لم نحول يوماً اختلافنا إلى خلاف يُفسد قضايانا المشتركة حتماً، وكان لنا ما يكفي من أدوات الهدم، لو كنا نحسبها بعداد “أنا ومن بعدي الطوفان”.. وإنما كنا نبادر إلى رأب الصدع، إما بالانسحاب إلى الظل من صداع الرأس، أو بالقبض على العصا من الوسط، ولو أن القلب يميل إلى “اليسار”…
إذا عشتُ، سأروي لكم كيف دخلت غمار العمل النقابي والعود مني طري، ثم خرجت أو أجبرت على الخروج، ثم قاطعت الترشح للتمثيلية النقابية في مناسبتين انتخابيتين اثنتين، ثم عدت في الثالثة عبر تمثيلية “أطر المقر العام” في المجلس النقابي بعدد محترم من الأصوات، إلاّ أن باب دخول “غرفة المكتب النقابي” كانت أضيق مما كنا نتصور.. لعل إرادة أصدقائنا في الحلقة الضيقة ضاقت لماضينا النقابي المزعج وغير المهادن.
فهمنا الدرس جيداً، فانسحبنا بهدوء مرة ثانية، واكتفينا بالحضور في المعارك الكبرى التي تهم القضايا المصيرية والوحدة النقابية، تاركين الإخوة يسهرون على تصريف الشأن النقابي اليومي بطرقهم الخاصة، أعتقد أن نصيبهم من الصواب كان أكثر من الخطأ.. لهم أكثر من أجر.. والله أعلم.
– نلتقي !
- مقال رأي بقلم محمد سدحي