طنجة7

انتخاباتهم وانتخاباتنا

طنجة7- 2015-06-01 13:04:02:




إذا كانت جارتنا إسبانيا قد شهدت إجراء الانتخابات البلدية والجهوية يوم 24 ماي 2015، فيما يستعد المغرب لتنظيم سلسلة من العمليات الانتخابية، والتي ستنطلق بإجراء انتخابات المأجورين في شهر يونيو 2015، ولن تنتهي إلا بانتخابات الجماعات الترابية ومجالس الجهات في شهر شتنبر 2015، فلا شك أن هناك فرقا شاسعا بين الأجواء التي تمر فيها الحملات الانتخابية بإسبانيا والمغرب، بل ولا يمكن بالمطلق المقارنة بين تلك الأجواء في البلدين.

إن التطرق لموضوع الانتخابات عندهم وعندنا، في اعتقادي يفرض نفسه اليوم قبل انطلاق العمليات الانتخابية ببلدنا، أولا لتزامن إجراء نفس الانتخابات (الجماعية والجهوية) في توقيت متقارب، واختلاف تعامل مختلف الأطراف المعنية بحركته خصوصا المرشحين – الناخبين. 

فقد قُدر لي أن أتواجد بالجنوب الإسباني خلال الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، وقد تمكنت من رصد تحركات القائمين بالحملات الانتخابية والتي لم تكن تثير الانتباه، بحيث يصعب الشعور بها والوقوف على تحركها، نظرا لكون الذي يتولاها لا يزيد على شخص واحد أو اثنين أو ثلاثة على الأكثر، ولأنها تسير في هدوء تام وانضباط كبير، إذ لا تتعدى توزيع المطبوعات الانتخابية التي تُعرّف بالبرنامج الانتخابي وحده دون غيره.

وهي حملات باردة لا يحس بها إلا المهتم والمعني بأمرها، ومن أهم مميزاتها أنها لا تثير ضجيجا ولا تحدث جلبة ولا تعيق السير بالطرق، ولا تضطرب بفعلها حركة المرور، ولا يصطدم فيها أنصار المرشحين، ولا يتم توظيف السماسرة والبلطجية وذوي السوابق والمنحرفين فيها، فهي إذن حملات انتخابية منضبطة متحضرة رزينة متعقلة، تخاطب الناخبين بخطاب متزن ومسؤول ومنطقي وواقعي، لا يخرج عن القانون ويتنافى مع الأخلاق والقيم.

فإذا حاولنا إجراء مقارنة بين ما يجري عندنا خلال الحملات الانتخابية والحملات الانتخابية بإسبانيا، على الرغم من كون الديمقراطية بهذا البلد حديثة ومع ذلك وصلت إلى درجة كبيرة من النضج والقوة، فإننا سنجد أن هناك فرقا كبيرا جدا في مجريات الأحداث الانتخابية، إذ على الرغم من كون المغرب عرف الانتخابات منذ بداية الستينات من القرن الماضي، وقد مر على أول انتخابات جرت بالبلد أكثر من خمسة عقود، فإنها لم تستطع الوصول إلى مستوى النضج والرسوخ وأن تتجاوز مظاهر الفساد المتعددة الأشكال والألوان، ولن نتحدث عن الدور الذي مارسته السلطة في تفريخ الأحزاب وصناعة الخرائط الانتخابية والتحكم في نتائجها، وإنما سنقف عند مظهر واحد، نرى أنه يجب أن يحارب بقوة وأن ينمحي بشكل نهائي في الانتخابات القادمة، ويتعلق الأمر بالتسيب والفوضى التي تشهدها الحملات الانتخابية بوطننا، والتي تتسم بخروقات أخلاقية تضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص في التباري الديمقراطي، ويتجلى ذلك في إقامة الولائم وشراء الأصوات وتوظيف السماسرة والوسطاء وذوي السوابق في الحملات الانتخابية، وإلصاق المطبوعات والمنشورات الانتخابية وصور المرشحين على الجدران دون حسيب أو رقيب، وكذا رميها على امتداد الشوارع والأزقة والطرق، وهو أمر يشوه منظر المدن والقرى على السواء، ويتطلب تنظيفها وإزالة الملصقات الانتخابية من الجدران مجهودا قد لا يكون متاحا ونفقات قد يصعب توفيرها، فيبقى التشوه ماثلا على جدران مدننا وقرانا، وهو أمر غير مقبول، كما أن استغلال حاجة فقراء المواطنين وإغرائهم بالمال الحرام مقابل التصويت لهذا المرشح أو ذاك، والتهاون في التصدي لذلك، يساهم في عرقلة الإصلاح والتغيير، ويرهن مصير البلاد والعباد بيد المفسدين، أعداء الديمقراطية وخصوم العدالة والمساواة، ويسيئ إساءة لا حدود لها لسمعة المغرب ويلحق بمواطنيه أبلغ الأضرار ويعرضه لأبشع الأشرار، ويفوت عليه فرص التطور والتحضر واللحاق بمصاف البلدان النامية التواقة إلى التقدم والرقي واحتلال الموقع الذي يليق بها بين الأمم، التي ينعم أبناؤها بحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كاملة غير منقوصة.

2016 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة7