طنجة7

جامعة الدول العربية بدون فعالية

طنجة7- 2015-03-20 23:19:44:




بحلول يوم 22 مارس 2015، تكون جامعة الدول العربية قد استكملت سبعة عقود على تأسيسها يوم 22 مارس سنة 1945، وبذلك تعتبر أول منظمة دولية عرفت النور بعد الحرب العالمية الثانية، وقد كانت عند التأسيس تضم سبعة دول هي: مصر، سوريا، الأردن، لبنان، العراق، اليمن، السعودية، وجميعها كانت آنذاك مستقلة، في حين كانت باقي الدول العربية الأخرى خاضعة للاستعمار الأوروبي، وقد بلغ عدد الدول المنتمية لها اليوم 22 دولة.

ومن أهم المحطات البارزة في مسارها، بالإضافة إلى تاريخ التأسيس، تلك التي تتعلق بالمصادقة على اتفاقية الدفاع العربي المشترك سنة 1950، التي ظلت حبرا على ورق، إذا ما استثنينا مشاركة جيوش بعض الدول العربية، ومنها الجيش المغربي، في حرب أكتوبر 1973 والموقف الشجاع الذي اتخذته السعودية في نفس السنة بقطع تزويد الغرب بالنفط، وكذا نقل مقر الجامعة العربية من مصر إلى تونس بعد توقيع مصر لاتفاقية "كامب ديفيد"، وتطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني سنة 1979.

ومنذ تأسيس جامعة الدول العربية إلى اليوم، سنرى أنها عقدت مجموعة من المؤتمرات والقمم والاجتماعات، على مستوى ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية، والتي اتخذت عددا مهما من القرارات السياسية والاقتصادية وغيرهما دون جدوى، بحيث تظل تلك القرارات معلقة ولا تعرف طريقها للتطبيق في الواقع، وهكذا نقف على حقائق صادمة تتمثل في كون الدول العربية تنفق مبالغ مالية مهمة على الجامعة بهدف توفير الموارد التي تمكنها من صرف أجور العاملين بها، وتغطية نفقات التسيير المختلفة، بحيث تساهم جميع الدول العربية في الميزانية التي تؤمن للجامعة مصاريفها المختلفة.

وإذا حاولنا رصد حصيلة عمل جامعة الدول العربية منذ التأسيس إلى الآن، سنجد أنها عجزت بشكل شبه مطلق عن حل الكثير من الملفات الساخنة التي عرضت عليها، سواء تعلق الأمر بالصراعات القائمة بين دول الجامعة، أو تلك التي ترتبط بالصراع الصهيوني العربي، وأكبره أهمية ضمان حق الشعب الفلسطيني في إقامة كيانه المستقل، وإنهاء الانقسام في صفوفه ومساعدته على توحيد الكلمة والحسم في تحديد استراتيجية نضاله، والتوجه نحو هدفه بشكل متوافق عليه.

وهكذا نرى أن حصيلة عمل جامعة الدول العربية على امتداد سبعين سنة من الوجود، لم تستطع أن تصل إلى مستوى جمع كلمة العرب، وتبديد الخلافات العربية العربية، وتجاوز أسباب الفرقة والتصدع، فعلى الرغم من مرور هذا الزمن الطويل على ولادة جامعة الدول العربية، فإنها مع ذلك تظل عاجزة عن التدخل الحازم والصارم لإيجاد الحلول للمشاكل التي تعاني منها، وفي طليعتها تلك التي تتعلق بالصراعات الدموية بين أبناء الشعب الواحد في عدد من الدول العربية (مصر – سوريا – العراق – ليبيا - اليمن)، أو الاحتقان البيني (المغرب - الجزائر) على سبيل المثال، وغيرها من أنماط الخلافات القائمة بين دول عربية أخرى.

وإذا تأملنا في واقع الخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة اليوم، بين دول الاتحاد الأوربي، فسنجده وصل إلى درجة متقدمة جدا من الانسجام والتفاهم والتكامل والتكافل والتعاون والتشارك، بحيث أصبح التعامل داخل معظم دول الاتحاد بعملة موحدة، وأمسى تنقل الأفراد على امتداد جغرافية الاتحاد متاحا دون قيود أو حواجز، وصار الاتحاد نحو بناء اقتصاد وحدوي تساهم فيه الدول الغنية في دعم ومساعدة الفقيرة منها، ولا أدل على ذلك من وقوف دول الاتحاد الغنية إلى جانب اليونان والبرتغال وإسبانيا في الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها.

ففي الوقت الذي تتجه دول الاتحاد الأوروبي نحو ترسيخ قيم الوحدة والتعاون في جميع مجالات الحياة العامة، على الرغم من عدم وجود روابط قوية فيما بينها (اختلاف اللغة والثقافة والعادات والتقاليد والأعراف...)، فإن الدول العربية تبقى متفرقة ومتباعدة ومتناحرة ومختلفة وأحيانا متحاربة، على الرغم من وجود روابط قوية وأواصر متينة تربط بين شعوبها (الدين واللغة والتاريخ المشترك والمصير الواحد...)، ومع ذلك لم تتمكن من استغلال كل هذه القيم والمميزات الهامة التي تجمعها، وتعجز عن توظيفها لصالح شعوبها، إذ لا يزال الإنسان العربي في حاجة إلى الحصول على التأشيرة للسفر من بلده إلى بلد عربي آخر، كما أن واقع الحال بمعظم الدول العربية لا يزال مترديا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، على الرغم من كون العالم العربي يزخر بالثروات المختلفة (البشر، البترول، الغاز،أراض خصبة، الثروة السمكية، الطبيعة...).

وبديهي أن الدول العربية في استطاعتها أن تصبح وحدة سياسية واقتصادية قوية، لو استغلت ثرواتها الهائلة البشرية والمادية، لصالح شعوبها، بدل أن تستمر في الارتباط بالغرب والاعتماد عليه في حياتها العامة والسير وفق التوجهات التي يرسمها لها والتي تخدم مصالحه، وتحكم عليها بالتبعية، فإلى متى ستظل جامعة الدول العربية مجرد منظمة بدون فعالية؟

2016 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة7