طنجة7

تأسيس حزب يساري جديد يمكن أن يمثل إضافة قوية للمشهد السياسي بالمغرب

طنجة7- 2015-02-03 13:24:24:




لا يخفى على أحد الدور النضالي الكبير، والتضحيات الجسيمة التي قدمها مناضلو اليسار المغربي في سبيل الوصول إلى التطور الحقوقي الذي صار ينعم به المغاربة اليوم على محدوديته، لكونه لم يصل إلى المستوى الذي كان يطمح المجتمع إلى إدراكه، بحيث لا يمكن الحديث عن اتساع هامش الحريات، وحدوث تقدم في تعامل السلطة مع المعارضة السياسية، دون الاعتراف بكون ذلك حدث بفعل الضرائب الباهظة التي قدمها اليسار المغربي عموما، والاتحاد الوطني للقوات الشعبية واليسار الجديد خصوصا، والتي تمثلت في اللاعتقالات والمحاكمات والنفي والتصفيات التي طالت مناضليه لزمان تجاوز أربعة عقود.

وإذا كان اليسار المغربي تحمل أتعاب وأعباء النضال الوطني طيلة زمن طويل وتعرض خلاله لشتى أنواع القمع الشرس، والمعاناة المريرة مع الاعتقال التعسفي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فلا شك أن هذه التضحيات الكبيرة التي قدمها مناضلوه، أثمرت في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، انفتاح النظام على مكونين من مكوناته، بعد التطبيع الذي أنجز بين الطرفين، بإطلاق المعتقلين السياسيين والسماح بعودة عدد من المنفيين والمغتربين، حيث مهدت الطريق لدخول هذين المكونين (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – التقدم والاشتراكية) لممارسة السلطة سنة 1998 عندما تحمل الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي مسؤولية الوزارة الأولى فيما يسمى بحكومة التناوب التوافقي.

ويمكن اعتبار هذا التاريخ يمثل نقطة تحول في مسار اليسار المغربي، والذي بدل أن تعتبر إشارة على قوته، صار عنوانا لضعفه وتراجع إشعاعه، ويرجع ذلك لعدة عوامل أبرزها عدم الحسم الجماعي داخل الحزب الذي آلت الوزارة الأولى إليه في دخول الحكومة دون شروط والتزامات محددة مكتوبة، يضمن اعتماد برنامج طموح للإصلاحات المراد إحداثها في الدولة، وكذا التهافت على المواقع الوزارية، وقد نتج عن ذلك وجود معارضة قوية داخل الحزب أدت إلى انشقاقات وسطه (المؤتمر الوطني الاتحادي – الوفاء للديمقراطية)، وكان الحزب قبل ذلك قد عرف انشقاقا آخر سنة 1983 (حزب الطليعة) وتهميش مناضليه في الانتخابات التي جرت بعد 1998 لحساب وافدين جدد، قادرين على ضمان الحصول على المقاعد الانتخابية (أصحاب الشكارة)، كما مثلت مؤتمرات الحزب، وآخرها المؤتمر الأخير، النقطة التي أفاضت الكأس ورفعت من درجة الاحتقان والصراع داخل الحزب إلى مستوى يستعصي معه استمرار الانسجام بين مكوناته، حيث أدى الصراع على الكتابة الأولى للحزب إلى بروز تيار "الانفتاح والديمقراطية"، الذي كان يقوده المرحوم أحمد الزيدي إلى جانب عدد من أعضاء المكتب السياسي ومناضلين آخرين، والذي وصل تفكير هؤلاء في الانسحاب من الحزب، والعمل على الالتحاق بحزب عبد الله إبراهيم أو تأسيس حزب جديد.

وحسب ما يظهر فإن تريث قياديي "تيار الانفتاح والديمقراطية" في الإعلان عن الانسحاب من حزب "لشكر" لم يعمر طويلا، حيث حسموا في الانسحاب على ما أصبح يتداول في الإعلام، بعد أن عدلوا عن الالتحاق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وقرروا الدخول في تجربة جديدة، يمكن أن تمثل تحولا بارزا ومهما في مسار الحركة النضالية الوطنية، وربحا سياسيا كبيرا للمشهد السياسي المغربي، وانطلاقا جديدا لليسار المغربي.

إذ يستفاد من الأخبار الواردة من عدد من المنابر الإعلامية المغربية، أن تيار "الانفتاح والديمقراطية" يتجه نحو تأسيس حزب جديد ستنخرط فيه أحزاب "فدرالية اليسار" المكونة من ثلاثة أحزاب يسارية هي الحزب الاشتراكي الموحد، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي، وكلها أحزاب لم تشارك لحد الآن في الحكم، وترفع شعارات إصلاحية كبيرة وعميقة.

فلا شك أن المبادرة إلى تأسيس حزب سياسي يساري جديد في هذا الظرف بالذات، الذي يتسم ببروز قوى سياسية محافظة، وأخرى انتهازية وصولية، من شأنه، سواء تعلق الأمر بتلك التي تتواجد في الائتلاف الحكومي الحالي أو تلك المحسوبة على المعارضة، أن يؤدي إلى خلخلة الخريطة السياسية في المغرب، وظهور معارضة حقيقية مؤثرة، يمكن أن تعيد التوازن للمشهد الحزبي الوطني، وتخلق طرفا سياسيا جديدا قادرا على ولوج مجال المنافسة القوية في الاستحقاقات القادمة.

2016 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة7