طنجة7

منظمة الأغذية والزراعة تدعو للاهتمام بـ "الهندية": إنها المنقذ من الجفاف والمجاعة

طنجة7- 2017-12-03 20:11:19:




جمعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) خبراء مختصين بهذه النبتة القوية للاستفادة من معارفهم ومساعدة المزارعين وصنّاع السياسات على استخدام هذا المصدر الطبيعي الذي يراه الكثيرون أمراً مفروغا منه استخداماً استراتيجياً وفعالاً.

وخلال أزمة الجفاف الحاد التي حدثت مؤخراً في جنوب مدغشقر، أثبت الصبار فائدته للسكان المحليين وحيواناتهم كمصدر أساسي للإمداد بالغذاء والعلف والمياه. وكانت المنطقة نفسها قد عانت فيما مضى من مجاعة شديدة حدثت نتيجة الجهود الرامية إلى استئصال هذه النبتة التي اعتبرها البعض غير ذات قيمة. لكن سرعان ما تم إعادتها.

وعلى الرغم من أن معظم أنواع الصبار غير صالحة للأكل، إلا أن "الصبير" يعد من الأنواع التي تحمل الكثير من الفوائد، ولا سيما إذا أُعتني بها كمحصول زراعي بدلا من اعتبارها عشبة برية ضارة. واليوم، يتم زراعة النوع الذي يعرف علمياً باسم "صبير التين الهندي"، والذي زالت أشواكه ولكنها عادت بعد الأحداث المجهدة، في 26 بلدا خارج موطنه الأصلي. ولأنه يمتاز بالصلابة والقدرة على الصمود، فإن هذا النوع يصلح كغذاء ملاذ أخير مفيد وكجزء لا يتجزأ من أنظمة الزراعة المستدامة والعناية بالماشية.

ولنشر الوعي حول طريقة العناية بنبات الصبار (التين الشوكي) وإدارته بكفاءة، أطلقت الفاو بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) كتاباً بعنوان إيكولوجيا المحاصيل، زراعة الصبار واستخداماته، يجمع أحدث المعلومات حول الموارد الجينية لنبتة الصبار وصفاتها الفسيولوجية وأنواع التربة المناسبة لزراعتها وأنواع الآفات المؤثرة عليها. ويقدم الكتاب الجديد نصائح حول كيفية الاستفادة من هذه النبتة في الطهي، إذ يستخدمها سكان موطنها الأصلي، المكسيك، منذ قرون في الطهي، وتعد الآن من تقاليد الطعام الراسخة لمحبي الأكل في صقلية.

وتعليقاً على الموضوع، قال هانز دراير، مدير شعبة الإنتاج النباتي ووقاية النباتات في الفاو: "إن تغير المناخ وتزايد مخاطر الجفاف أسباب قوية لزيادة الاهتمام بنبات الصبار البسيط ورفع قيمته ليصبح محصولاً أساسياً في العديد من المناطق".

يزداد الاهتمام بزراعة الصبار شيئاً فشيئاً، نظراً للحاجة المتزايدة لبناء القدرة على الصمود في وجه الجفاف وتدهور حال التربة ودرجات الحرارة المرتفعة. ولدى المكسيك، الموطن الأصلي للصبار، تاريخ طويل في استهلاكه، حيث تصل نسبة استهلاك الفرد الواحد من النوبال، وهي فروع الصبار الطرية الشهية، المعروفة بالألواح، إلى 6.4 كلغ سنوياً. يزرع "الصبير" في مزارع صغيرة ويحصده المزارعون في البرية في مساحات تصل إلى 3 ملايين هكتار، كما تزداد معدلات زراعته في المزارع الصغيرة باستخدام تقنيات الري بالتنقيط بصفته محصول أساسي أو ثانوي. واليوم، تعد البرازيل موطناً لأكثر من 500,000 هكتار من مزارع الصبار لاستخدامها كأعلاف. كما انتشرت زراعة هذه النبتة في مزارع في شمال أفريقيا وإقليم تيغراي في أثيوبيا لتصل مساحات زراعتها إلى ما يقارب 360,000 هكتار يتم إدارة نصفها تقريباً.

إمكانية استخدامها كغذاء وأعلاف

إن قدرة الصبار على العيش في إطار المناخ الجاف والقاحل تجعله من النباتات الرئيسية والمهمة في الأمن الغذائي.

وفضلاً عن كونه مصدراً للغذاء، يخزن الصبار الماء في فروعه ليشكل بذلك بئراً نباتياً يمكن أن يخزن ما يصل إلى 180 طن من المياه للهكتار الواحد، وهو ما يكفي للحفاظ على حياة خمسة أبقار بالغة، الأمر الذي يشكل زيادة مستدامة في انتاجية المراعي التقليدية. وفي أوقات الجفاف ارتفع معدل الحفاظ على حياة الماشية ارتفاعاً كبيراً في المزارع التي تزرع الصبار.

ويقول علي نفزاوي، باحث تونسي في المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، إن الضغط المتوقع على موارد المياه في المستقبل يجعل الصبار "أحد أبرز وأهم المحاصيل للقرن الحادي والعشرين".

وتكشف فصول مختلفة في الكتاب عن إمكانات زراعة الصبار، وتفيد أيضاً بأن غلة محصول الشعير التونسي تزداد عندما يزرع الصبار إلى جانبه باعتباره محصولاً محسناً للتربة، كما تشير إلى البحث الأولي الذي يقترح إدخال الصبار في النظام الغذائي للماشية، إذ يساهم في تقليل توليد الميثان لدى المجترات، مما يسهم في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

تختلف غلة نبات "الصبير" المزروعة لأهداف تجارية اختلافاً كبيراً باختلاف المكان والنوع وطريقة الزراعة. ففي كل من اسرائيل وإيطاليا والأماكن التي تستخدم الري في المكسيك، من الشائع حصاد أكثر من 20 طن من الثمار لكل هكتار، وهناك حالات وصل فيها الحصاد إلى 50 طن، لكن الإنتاج منخفض في المناطق الجافة التي تعتمد على هطول الأمطار.

إن السر البيولوجي في نبات الصبار (التين الشوكي) يكمن في عملية التركيب الضوئي الخاصة به، وهو أيض حامض المخلدات، الذي يسمح للنبات بسحب الماء خلال الليل. ومع ذلك فهناك حدود. فدرجات الحرارة التجمدية تسبب تلف غير قابل للإصلاح للفروع والثمار. وبينما بإمكان صبير التين الهندي العيش في درجات حرارة تصل إلى 66 درجة مئوية، إلا أن عملية التركيب الضوئي تبدأ بالتباطؤ فوق 30 درجة مئوية، ولهذا لا نرى له انتشاراً كبيراً في صحراء الساحل وصحراء موهافي.

2016 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة7